النجاح الإخباري - تنتخب الجمعية الاتحادية لـ"البوندستاغ"، اليوم الأحد، رئيسا جديدا لألمانيا خلفا للرئيس المنتهية ولايته يواخيم غاوك. ويحظى وزير الخارجية السابق شتاينماير بأغلبية كبيرة تجعل انتخابه في حكم المؤكد.

قالت "دويتش فيله"، إن انتخاب فرانك فالتر شتاينماير، وزير الخارجية الألماني السابق، رئيسا لألمانيا اليوم بات في حكم المؤكد. وبالرغم من ذلك فإن هناك بعض الأخذ والرد في أوساط الجمعية الاتحادية الألمانية (الهيئة الناخبة لرئيس البلاد) قبيل إتمام انتخاب المرشح لهذا المنصب الرفيع. فعلى الرغم من رجحان كفة شتاينماير، لأنه مرشح مشترك للحزب "الاشتراكي الديمقراطي" و"التحالف المسيحي"، الذي تتزعمه المستشارة أنغيلا ميركل، إلا أن هناك من يردد بأن بعض ناخبي الجمعية من "التحالف المسيحي" يعتزمون عدم التصويت لصالح شتاينماير في الاقتراع السري. لكن حتى لو حدث هذا، فإنه لن يغير في الواقع كثيرا لأن رئيس الدبلوماسية الألمانية السابق يحظى بتأييد كبير جدا.

فرانك فالتر شتاينماير (60 عاماً)، المقرر انتخابه اليوم الأحد، ينتمي إلى "الحزب الاشتراكي الديمقراطي" منذ عام 1975، وينحدر من مدينة دتمولد التابعة لولاية شمال راين فستفاليا غرب ألمانيا.

درس شتاينماير القانون والعلوم السياسية في جامعة غيسن، بعدما أنهى خدمته العسكرية. وشغل مناصب سياسية عدة، بينها مدير مكتب المستشارية في ولاية سكسونيا السفلى، ومنصب المستشار الأول لغيرهارد شرودر خلال رئاسته للحكومة بين العامين 1998 و2005

عزز حضور شتاينماير، الذي من المفترض أن يتسلم مهامه الرئاسية في 18 مارس/ آذار المقبل، من دور الدبلوماسية الألمانية في المحافل الدولية. فهو الذي شغلها وخبرها مرتين، الأولى بين عامي 2005 و2009، والثانية بعد انتخابات عام 2013 وحتى يناير/ كانون الثاني 2017، بعد أن شغل منصب نائب المستشارة بين العامين 2007 و2009. وخسر الانتخابات لمنصب مستشار في عام 2009 ضد المستشارة أنجيلا ميركل، ولم يحصل حينها إلا على 23% من الأصوات. شتاينماير متزوج من زميلته منذ أيام الدراسة، القاضية الإدارية ألكه بودنبندر، وانسحب، لفترة وجيزة، من الحياة السياسية من أجلها في عام 2010، إذ تبرع لها بإحدى كليتيه، بعدما باتت أمام خيارين، إما غسل كلى لمدى الحياة أو أن تخضع لزراعة كلية جديدة. ولهما ابنة وحيدة تبلغ 20 عاماً. وكان شتاينماير قد تعرض، وهو في سن الشباب، إلى عدوى كادت تفقده بصره قبل أن يخضع لعملية زرع قرنية.

يعتبر شتاينماير، "المبدئي" الذي سينتقل الشهر المقبل إلى القصر الرئاسي في برلين، المدافع الأول عن حقوق الإنسان حول العالم، والتي كانت دائماً في صلب محادثاته مع المسؤولين الدوليين. ويرفض العقوبات ضد روسيا بسبب دعمها لسورية. وله دور في إنجاز مفاوضات الملف النووي الإيراني ومحادثات جنيف بشأن سورية.

صلاحيات الرئيس

يتولى رئيس جمهورية ألمانيا الاتحادية أعلى منصب في الدولة. ولكن سلطته ليست هي الأقوى في بنية الدولة، فنظراً لتجربة ألمانيا مع النظام النازي تم تقليص الصلاحيات المرتبطة بهذا المنصب، إذ ينبغي ألا يحصل أعلى منصب على جميع السلطات في البلاد. وهذا هو الفارق بين منصب رئيس ألمانيا الاتحادية ومنصب "رئيس الرايخ" في جمهورية فايمار السابقة (من عام 1918 حتى 1938)، حيث كان هذا الأخير عبارة عن "بديل للقيصر" وقام بتسليم كل السلطات في الدولة إلى الديكتاتور أدولف هتلر.

وكما جاء في تقرير "دويتش فيله"، فإن الرئيس الاتحادي في ألمانيا لا يحكم بل يمثل بلاده، فعند قيامه بزيارات إلى الخارج فهو يمثل "ألمانيا ومواقفها". أما في الداخل فإنه يرمز إلى وحدة الدولة، كما أكدت المحكمة الدستورية الاتحادية ذلك عام 2014. ومن أجل ضمان تلك الوحدة يجب على الرئيس الاتحادي ألا يتبنى مواقف حزب ما وأن يكون محايداً تجاه كل الأحزاب وأن يعكس مضامين الدستور الألماني، وهو الدستور الاتحادي، في المواقف والخطابات التي يصرح بها. ولذلك جرت العادة أن يقوم الرئيس الاتحادي خلال فترة توليه لهذا المنصب بتجميد عضويته في الحزب الذي قد يكون منتميا إليه.

السلطات التي يمارسها الرئيس الاتحادي لا تدخل في إطار السلطة الحكومية أو سلطة البرلمان والمحاكم. ولكن يمكنه من منصبه هذا إعطاء دفعة لتطوير الديمقراطية ودولة القانون في البلاد، كما هو الشأن بالنسبة للرئيس الاتحادي يواخيم غاوك، الذي صرح بأن هذا المنصب منحه "وعياً صحيحاً بالذات" والاعتراف بأنه "ليس مسؤولاً سياسياً عن كل شيء، مضيفاً أن ذلك "يسمح له بحرية الحديث بشكل صريح هنا وهناك".

وهكذا يجب على الرئيس الاتحادي المشاركة في حل المشاكل في الداخل والخارج من خلال مداخلاته وخطاباته. فهو يساهم عبر الأفكار والدفع بها إلى الأمام. أما التطبيقات مثلاً في السياسة الخارجية فهي من مهمة الحكومة الاتحادية ووزاراتها.

كثيراً ما ينشط الشخص الذي يتولى هذا المنصب في الحفاظ على حقوق الإنسان وتطوير دولة القانون والحوار الديمقراطي، إضافة إلى تأمين السلام ومكافحة الإرهاب والعمل على الوحدة الأوروبية وحماية المناخ والبيئة، وهذه جميعاً تشكل مهمات أساسية في أنشطة الرئيس الاتحادي، بشكل يلزم أن تكون لها أهمية على صعيد عموم ألمانيا.

الرئيس الألماني الاتحادي هو من يتولى التوقيع على المعاهدات الملزمة التي يتم الاتفاق عليها بين الدول وجمهورية ألمانيا، وذلك باسم دولة جمهورية ألمانيا الاتحادية. وكذلك الأمر بالنسبة للقوانين التي يتم إقرارها في البرلمان الألماني "البوندستاغ" والمجلس الاتحادي "البوندسرات".

ولا تدخل تلك القوانين حيز التنفيذ إلا بعد توقيع الرئيس الاتحادي عليها، حيث يقوم بفحصها للتأكد من أن تلك القوانين تم إقرارها بشكل صحيح من الناحية الشكلية. كما يلعب الرئيس الاتحادي دور المدافع القانوني عن المسار الديمقراطي، فيقوم بالتصديق على تلك القوانين وعلى تطابقها مع روح الدستور الاتحادي.

هناك في تاريخ جمهورية ألمانيا الاتحادية ثمانية أمثلة على قيام الرئيس الاتحادي برفض التوقيع على قوانين، ومنها قانون خاص بتأمين الملاحة الجوية عام 2006، الذي رفضه آنذاك الرئيس الاتحادي هورست كولر، حيث توجب سحب ذلك القانون في وقت لاحق.

لمنصب الرئيس الاتحادي في ألمانيا أهمية كبيرة وقت الأزمات، حيث يحق له مثلاً الدعوة إلى انتخابات جديدة في حال فقَد المستشار أو المستشارة أغلبية الأصوات في البرلمان. وهو الذي يقترح المستشار أو المستشارة  على البرلمان، كما يعين ويقيل الوزراء والقضاة الاتحاديين والضباط والموظفين في المناصب العليا. ومن مهماته رعاية العديد من التظاهرات المختلفة والدعوة لإقامة تظاهرات وطنية وحفلات رسمية. وهو الذي يرحب بسفراء الدول ويقبل أو يرفض اعتمادهم.

ويمكن للمواطنين لقاء الرئيس الاتحادي في مناسبات عدة خلال زياراته العديدة عبر مجموع مناطق ألمانيا. كما يقوم بتكريم العديد من الشخصيات بأوسمة تقديرية لخدماتهم للصالح العام في الدولة. وقد يتواصل مع بعض المواطنين بالتهاني التي يبعثها الرئيس الاتحادي بمناسبة أعياد ميلادهم.

في العام الماضي فقط قدم الرئيس الاتحادي تهانيه لحوالي 4000 مواطن ألماني بلغوا سن 100 عام من العمر أو أكثر. وإضافة إلى ذلك فإنه يتولى أيضاً مهمة الرعاية الفخرية للأسر التي تحتضن 7 أطفال وأكثر.